( عروشُ المحاجر ):
يا ليلُ قد قلّمتَ كل مشاعري
وأزحتَ عنّي كلّ وحيٍ شاعري
ألقمتني بالصمتِ حرفاً أجرداً
تأوي إليه لدى الربيع مناظري
أضمرتُ في الأحشاءِ كلَّ حكايةٍ
كانت تروق لها جميع ضمائري
ونسجتُ أقلامي التي من كفِّها
كانتْ تخطُّ الحبَّ فوق دفاتري
سامرتُها والليل يبني عُشَّهُ
في المُقلتين، ولم أمَلّ مُسامِرِي
فوّاحةٌ بالذكرياتِ نجومُنا
وقلوبُنا باتتْ بغير مُحَاوِرِ
والأُمنياتُ شموعُ شوقٍ حُطِّمتْ
أركانُهُ، فانقضَّ يُحْرِقُ خاطري
أسبغتُهُ شعراً، فأشْعرَنِي بما
كَرِهَ الشعورُ ، ورفَّ مثل الطائرِ
خبّأْتُهُ في العين ذات مودّةٍ
فانسَلَّ كِبْراً من عروشِ محاجري
لمّا بنيتُ لهُ المنابر واعتلى
فوقَ الجميع، أضلَّ رُشدَ منابري
أسقيتُهُ كأس الحنانِ، وظامئٌ
قلبي، ولكنّي أجودُ لِوَاتري
عانقتُ أنسامي التي عطّرتُها
من خَدّهِ، حتى نسيتُ مزاهري
لي قبضةُ الرّملِ الذي لمّا استوى
بِحُليِّهِ عِجْلاً إلهُ (السّامِرِي)
بيداءُ بوحي أثمرتْ وازّيّنتْ
ُورَبَتَ بأصنافِ الحروف محابري
يا صمت ليلي، لا مكانَ لنجمةٍ
ظلّتْ ترصِّعُ بالجراحِ خواطري
قلّمْتَ يا سيفَ الأسى هذا الهوى
كالوردِ لمّا قُدَّ بين أظافري
والآن يوشكُ أن يُضئَ سراجَهُ
في قلبهِ، وأنا سأُطْفِئُ ناظري
( نبيل جباري)