(سؤالٌ لم يبلغْ رُشْداً):
وأسألها ويُعجزُها بياني
ويضربُ بيننا سوراً لساني
وتدركُ أنني ما قلتُ قولاً
سوى ذاك الذي فيها رماني
فتصنعُ بيننا سوراً منيعاً
وتجرحُنا بسِكِّين الأماني
وتعرفُ حين تنكفئُ المرايا
بأنّ اللفظَ يحتملُ المعاني
وتسألني، ويُغضبُها جوابي
وأسألها ويُغضبُني هَوَاني
إذا خيلُ الحروفِ قضى سباقاً
فإنّي قد خسرتُك في رِهاني
ومضماري تزلزلَ حين كلّتْ
عن الغاياتِ أقدامُ الحِصانِ
وتسألُ نفسها عنّي سؤالاً
أما تكفيك ساعاتُ الحنانِ؟!ِ
وتجهلُ أنّني قد ضقتُ ذَرْعاً
بأعذارِ المحبّةِ والغواني
وأني قد طويتُ بساطَ قلبي
وضاقَ على رحابَتهِ مكانيِ
فلا قلبي يُطاوعني رحيلاً
وصبري فيه يعتصرُ الثواني
ولا روحي تحنُّ إلى فضاءٍ
بهِ الأسرابُ تبدعُ في الأغاني
ولا هجري سيُنزفها دموعاً
كهذا اللحن من صدرِ الكَمانِ
وماذا بعد يا أملاً تراخى
وحطّمَ فوق صخرتِهِ سِناني
أنا المنفِيُّ قسْراً من بلادٍ
بها يختالُ زهواً من نفاني
لأيِّ القبلتين صلاةُ روحي
وأحلامي إذا طال امتحاني
ولستُ قصيدةً دانتْ لِخَبْنٍ
ولا مِلْكاً لمملوكٍ رواني
أنا قلبٌ على جمرٍ تلظّى
حنيناً، ثم مات بلا أوانِ
وأعلمُ أنّ لي صبراً وصدراً
شجاعَ القلبِ في الزّمن الجَبَانِ
ولكنّي سأعزفُ في جروحي
بأنّاتي لأُرْضِي من جفاني
وأخلقُ ألف قافيةٍ لليلي
ليُصبحَ كلُّ بدرٍ تُرجُماني
أسائلها، وأعشقُها جواباً
عساني أستريحُ بهِ عساني
أُريك وخطُّ قلبي في يديها
على الحِنّاء بالسّبعِ المثاني
وحولي ألفُ أمنيةٍ تراءتْ
على حدِّ المنيّةِ كي أُعاني
وأخشى أن يطول الهجرُ يوماً
وتنقطعُ الحبالُ عن البَنانِ
وأخشى أن تكون مروج قلبي
بغير هواك عجفاء الدَّواني
ولو أنّي لثمتُ الخدَّ عطراً
وأسكَرَني نبيذُ الأقحوانِ
ً
أحظّي أن أعيشَ، بغير نبضٍ
ويكفي أنْ أقولَ لها كفاني؟!
فأيُّ الأمر أهونُ ليتَ شِعري
ألا أفتيتَ قلبي يا زماني
( نبيل جباري)