وحشة الليل
هناك في البيت القديم , والسكون الموحش , يسكن الظلام , وبيوت العناكب المسنة...أحتل التراب له مكاناً , وأشباح تسكنه منذ زمن بعيد..كنت ورفيقتي في إحدى الغرف.. أجزاء الغرفة في الظلام , ولكنا نستطيع رؤية بعضنا , كانت تبكي خوفاً وأنا أشذ خوفاً منها..جدتي العجوز تنام بعمق على سريرها الخشبي في زاوية الغرفة..كنا نعرف أن الظلام يختبئ في بقية الغرف كي يخيفنا !! أصوات تأتي إلي من سكان الليل المظلم , كنت أسمع مالا أسمعه في النهار ..
لم أكن أعلم أن للظلام صوتاً مفزعاً رغم هدوئه في ذلك البيت العتيق، الممتلئ بالحشرات ! كنت كميت لولا أن صديقتي الوفية بجواري تبدد عني الظلمة , وهي تبكي ..خائفة , وأنا أتأمل شخير جدتي الذي يعلو , ويعلو , والليل طويل.طويل.. وأنا أعد ثوانيه ودقائقه, فساعاته ... وفجأة خرج إلي شبح يرتدي قبعة كبيرة , ورأسه يطاول السماء حتى خيل لي أن لا سقف للبيت , وعيناه حمراوتان.. يتقدم نحوي...صرخت بصوتي المكتوم بداخلي , وانطلقت كالمذياع أقرأ التعاويذ , وهو مايزال يتقدم !! كدت أفقد عقلي , كبرت , وهللت...الغريب أن جدتي لم تكن بسريرها !! والأغرب أن ذلك الشبح يقرأ التعاويذ وكل ما أقوله معي , ولحسن حظي كان هناك نافذة كبيرة يدخل منها النور في النهار , وبالليل تغطى بوسادة محشوة بكثير من الملابس البالية خلفي , وعلى عجل أبعدت تلك الوسادة , وأردت أن أرمي نفسي .. وعلى وشك أوقفني ذلك الشبح , وهو مشدوق الفاه نحوي وعيناه تحدق إلي ببلاهة..لقد كان الشبح جدتي أرادت أن توقظني , فلقد بزغ الفجر كعادته ليكشف لثمة الليل , فأشارت إلى أناس يتسكعون في طريق قرب بيتنا. يقال : لا جئون هم .قلت بدهشة : أيريدون بيتنا العجوز ياجداه ???
القاصة / رشيدة القاضي