بحث
عيد سعيد يطل بإشراقة , ويتأهب الجميع للقائه يشع ضوء القمر وهو يتغرغر بالسرور.. ويمحص الله الأيام وهي تتضاحك بتصنع , وهناك تترقرق دموع , ويتأوه الوجع على منزل يتربع بوجوم على الأرض . تنحنح العيد وهو يطرق بابهم , ونظرن إليه ببلاهة.. تقاعس الليل في النظر إليهم، وتفرعن , فثمة صقيع مغلف بالبرد يفترش الأرض , وجدران منزلهم الباهتة الرابية . كان زوج طريح الفراش يتربص به الموت , وزوجة ثكلى فقدت ابنها جراء تغلغل الظلم في سائقي السيارات.. رماه أحدهم على جنبات الشارع وولى هارباً... تعول ست بنات وهي تنذر كل عام بواحدة للموت إثر مرض وراثي يئد طفولتهن النحيلة, وتأوه المرض حياءً وهو ينخر عظام البراءة, وقد أصبح الموت كابوساً يجثم فوق منزلهم - ينبثق نور ملائكي على وجوههم السمحة.
عيد يجتاح عزلتهم .. يشق بعربته ظلمة الليل الدامس... على ظهره يجلس القرفصاء. بابا نويل يقسم البهجة على قلوب نائمة, وسمع صراخٌ بل أنين مبتئس يصدر من فوهات منزلهم بوجل، عله يبحث عن منقذ , وفي قرارة نفسه تقعقع الآهات مترأفة
- عيد سعيد , وهمهم البعض كل عام وأنتم الى الله أقرب.
كان الناس يبحثون عن فقراء حتى خيل لهم أن الفقر قدم استقالته عنوة ورحل بعيداً , ولكنه كان يركض خلفهم ليقودهم على مكان ابنهم , وهم بإعطائهم إذن القضاء عليه , وتقصى أناس في البحث , ورمق الجميع بمنزلهم بتغاضٍ .
الزوجه تجهز كفناًجديداً ورثته عن الجده قبل وفاتها.. تزف هدية العيد برعشةٍ وخوف رغم اعتيادها أن تهب بناتها كل جديد.. إلا أنها قتلت عيد هذا العام بتعنت !!! السماءمبلدة بالغيوم , وهناك يلوح نعش مسجي يتهادى على أكتاف الرجال.
توالت السنون بحثاً عن نذر سخي , فيقدم المرض ضحيته على أكفان تبحث عنهم الزوجة بتعجل حتى ظفر الموت بزوجها الذي كان يتمناه قبل أن تزف بناته الست...ترك لها عناء البحث عن كفن تلفه على جسده المثقل , ولكن خانها العطاء هذه المرة , وسئم منها الخيرون الذين يضجرون سريعاً , وزمجر عليها الحزن , فرمت في وجهه كل شيء, ففرغ فاه... حين تركت زوجها للعفن المميت , وولت تبحث عن ألم.
القاصة/ رشيدة محمد القاضي