(مدائن السُّندس) :
صدّقتُ قلبي حين أنبأني بأنّ الحلم - ضيف الروح- ورديٌّ، وأنّ ضفائر الورد التي اعتزلت ضفاف الروح في الأطياف ترسو..
وأمام قلبي خندقان: عن اليمين، عن الشمائل يخصفان بحرف شوقي والحنين، ولا مِراءْ..
فبأيِّ فكرٍ أستنيرُ وحول عقلي حارسان، وسوط كبْتٍ ليس يأبهُ أن يُواري سوْءَة الوهم التي قتلتْ هوى عمري، ولا ينفكُّ يقسو..
للكفّ خمسُ سنابلٍ ، ورقيقُ ديباجٍ، وسندسُ أُمنياتٍ، والنعيم السرمديّ، وبهرجٌ سكن الأنامل، ثم أروتْ مُقلتيَّ ببعض نورْ..
والهوى يعلو..وهذا النّبضُ يَقْرَؤنا معلّقة الحنان.. وهُنّ خُرْسُ..
والبوح يلتمس الحناجر والمحابر، والقناطير المقنطرةِ التي تلِجُ الخيال، وتستفيق الذكرياتُ على مداعبة الكمنجةِ والأساور والخلاخل والضفائر ذات بوحٍ فيه همْسُ..
والضوءُ شلّالٌ يرتّلُ سِفْرَهُ الممشوقَ في أقصى الغيوم، ورقصُ فستانٍ توضأ من خدود النجم إذْ تُرْضعْهُ شمسُ..
وربيبُ حُسْنٍ، تاجُ قلبي.. والمرايا حوله والشِّعر والطيفُ الحميمُ، ونبضُ أوتارٍ له في النفس نفسُ..
عيني وأنت بريقُ أصدافٍ على صدر الحروف، ونهرُ ُخمرٍ في شفاه الغانيات وقد تدلّى مثل عنقود الخدود .. وما بنى صرحاً
لهارونٍ على تلِّ النهودِ البُضِّ في الزمن العقيم المُرِّ، والصَّبِرِ المعتّقِ والحناظل فوق مائدة المنافي... حين نحسو..
وأنينُ جرحٍ من بعيدٍ ، عن قريبٍ يستظلُّ ولا يُظلّ سوى العذابْ..
والمرجفون العابثون الزّارعون الجرح في الأحشاءِ، أرجاسٌ وأزلامٌ وأنصابٌ ورِجسُ..
وهناك حيث البعد لا ظِلٌّ يرافق وقْعَ حرفي في بساط الشعر، مذ ولّى عليه الحبُّ رُبّاناً يحبُ الموج والعصْف الذي احتضن الصّوارِي في جحيم الموبقات..
وهدَّ أعراض الورود الظامئات لنصف كأسٍ من فُراتِ الشَّهدِ ..ما أرواهُ كأسُ..
هذا أشدُّ النُّكْرِ، فاسمع ياصدى النّبض الذي يحتلّ أعماق الفؤاد.. وغار في المنفى السحيق..
ولم يعدْ أهلُ الرّقيم .. وقد تمطّى حين. راغَ لِعَتْبِهِ، واجترَّ أنفاس النّسائم ذات طُهرٍ حين شجَّ القلب هذا مرّتين.. وحلّ مأتمُهُ لديَّ، وحلَّ في عينيْهِ عُرْسُُ..
والليلُ ماذا ؟ والقناديلُ المحنّطة التي انكفأتْ، ولا فجرٌ هناك.. ولا شفقْ..
ولعابُ هذا الليلُ سال وفاض أخْيِلةً وأنصافَ قلوبْ..
ورحيقاً من شفاهٍ خاوياتٍ تحت أنقاض دموعٍ.. فاستَرِحْ !!!
( نبيل جباري). ً