ترنيمة السحر... شعر: نبيل جباري

( ترنيمــــةُ السحــــــــر): 

حِلٌّ لقلبك ما يُحَلُّ ويُحْرَمُ
ولحسنك السامي إذا سُفِك الدَّمُ

تتغلغلُ الأطياف بين قصائدي
والطيف بدرٌ، والقصائدُ أنجمُ

يهَبُ النّسيم روائعاً من لحنها
فيفرّق الأهدابَ، ثمّ يُلملمُ

تذرو الأنامل في السطور سنابلاً
كلُّ المناجل حولها تتبسّمُ

حِلٌّ لحسنك أنْ يظلّ مهيمناً
فوق القلوب، وكلُّ حُسْنٍ ضيغمُ

تتمخّض الكلماتُ نوراً وارفاً
في ظلّهِ كل القلوب تُحوِّمُ

قلبي بأنخاب المشاعر، كأسُهُ
نصْفٌ زلاليٌّ ، ونصفٌ علقمُ

تغزو علاقمة الخيال مشاعري
والقلب مقصوص الجناح محطّمُ

حِلٌّ لأهداب الكمان إذا غَزَتْ
أسوار روحي حيث لا تتهدّمُ

فُتِنت ملائكةُ الجمال بحسنها
والسّحر طلّق بابلاً يا مُغرَمُ

تأوي إلى غُرف الفؤاد، وحارسٌ
في باب أوردتي أصمٌّ أبكمُ

ألقتْ قميص الشمس عن أكتافها
والشَّعرُ مسكٌ ،والضفائرُ سُلَّمُ

حٍلٌّ لقلبك كلّ ما حرّمتُهُ
ما كنتُ أعلمُهُ وما لا أعلمُ
ُ
كفروا بأرباب الجمال، وأخبتوا
للسحر في دنيا العيون، وأسلموا

قطّعْنَ أيديَهُنّ حُبّاً، والهوى
قلبٌ بأطراف الخناجر يُرْسَمُ

اكشفْ فؤادك ما استطعتْ فكلُّنا
سِرٌّ على صدر المواجع مُبْهمُ

أجْدبْتُ لا كأسٌ، ولا خمر الهوى
يستسقيان، ولا الكليمُ سيُقدِمُ

أرختْ جذائلها الورودُ وسبّحتْ
عطراً، وأنتَ سوارُها والمعصمُ

وقْعُ الأساور والخُطَى ترنيمةٌ
يرتادها قلبُ الشجاع فيُهزمُ

سحر المآقي.. إذْ تبسّمَ ضاحكاً
شوقاً، ولات الشوق حتى يندمُ

حِلٌّ لعيْنَيْ بابلٍ، ولسحرها
لو أنّ قلباً في هواها يَسْلَمُ

العابرون وتحت فئٍ أمكثوا
أنفاسهم، والعاذلون تقدّموا

حِلٌّ لنورك أنْ أكون متيّماً
بالنّور حيث النّور فيك متيّمُ

حولي قلائدك التي... وأساورٌ
من أمنياتٍ فوق صدري تجْثُمُ

خذني وظِلّي والمسافة والهوى
فالكونُ ساجٍ والعواذلُ نُوَّمُ

واترك جنون البحر رهْوَاً وائتني
بالمُلك في عرش القلوب سأحكمُ

حِلٌّ لقلبك كلّ شئٍ والذي
فطر الخلائق لا أضِنُّ ويُكْرِمُ

ألقِ القصائد حيّةً تسعى، فلي
فيها المآربُ: مغرمانِ، ومغْنمُ

أمشي وعكّازي خيالُك دُلّني
فالنّأيُ يرضعُ، والتداني يُفْطمُ

تعْمَى مآقي الياسمين بمنجلٍ
يهْوَى الرقابَ، وفي الرقابِ يُحكَّمُ

رفقاً بقلبي حين يسفِكُ عشقَهُ
سحْرُ العيون، فلا يكُفُّ ويُحْجِمُ

تسري جنود الروح في غمْد الّدجى
فتشقُّ عن روحٍ به تتبسّمُ

عادت أباريقي بماءٍ آسنٍ
وعتيقُ خمرك في شفاهك مَنْجَمُ

كأسي بنصف يدٍ يدورُ، وظامئٌ
لشفاهِ وردٍ في ثراها زمزمُ

ظمْأى أناملُنا لوردٍ عاطرٍ
ولرشفةٍ ما ذاقها قبلٌ فَمُ

رقّتْ عيون النّاي، أيقظَ نورساً
نبضٌ على صدر الرّبابة يحلُمُ

أغدو وأعناق السّنابل ترتمي
والحاردون بصرمهم لم يصْرموا

زَعَم الجمالُ، وفي العيون خناجرٌ
أنّ المحبّة طفلةٌ لا تهرمُ

شُقّوا نطاق الأمنيات، فغارُنا
أغوى سُراقة حيث حلَّ الدِّرهمُ

عزْفٌ هي الأنثى متى خالجْتَهُ
أهدتْكَ لحناً طيّباً لا يُسْأَمُ

هزّت بنهديها جدار قصائدي
فانقضّ من تحت الرّكام يُخَيِّمُ

رفقاً لواحظ كلّ نجمٍ فاتنٍ
بقلوبنا، هلّا رحمتَ فتُرحَمُ

حِلٌّ لقلبٍ لا يحسُّ ونبضُهُ
لا يكتوي شوقاً ولا يتألّمُ

هل في الهوى قَسَمٌ لذي شوقٍ برى
جسد الفؤاد؟ نعمْ لديهِ.. وأُقْسِمُ 

أنقاضُ أعراسٍ لديَّ، وأسلمتْ
فستانها للريح... عُرسٌ ، مأتمُ

شمعيّةٌ ذابت على وتري كما
ذابتْ على نار الأنامل (مريمُ)

حِلٌّ لقلبك كلّ ما حرّمتهُ
ما كنتُ أعلمُهُ وما لا أعلمُ.
( نبيل جباري). ّ